القرآن فضائله وآداب تلاوته وحفضه

6- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في النصل فلا يرى شيئاً، وينظر في القدح فلا يرى شيئاً، وينظر في الريش فلا يرى شيئاً ويتمارى في الفوق) رواه البخاري .
في الحديث: أن العبرة بتدبر القرآن والخشوع عند تلاوته والعمل بما فيه وليس بقراءته والإعراض عن عمله ومجافاته، وفيه إثم من قرأ القرآن ولم يعمل به، وأنه من شر الناس، وقد ورد في الحديث الصحيح أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة وذكر فيهم قارئ قرأ القرآن ليقال قارئ ولم يعمل به، وأن العبرة في قراءة القرآن الائتمار بأمره والانتهاء عن مناهيه وتصديق أخباره، وقد حذر الله عز وجل من علماء السوء، قال سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل: ((كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا))، وقال عن عالم من علمائهم المنحرفين: ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ))، وفيه أن العبرة بحقائق الأشياء لا بظواهرها وأن الإيمان في القلب والتقوى في الصدر، وأنه قد يظهر من أعمال المنافق ما يمدح عليه ولكنه عند الله غير مقبول، وأنه لا يعلم السر إلا الله عز وجل وأنه ليس لنا إلا الظاهر، وأن التفاضل بين المؤمنين لا بكثرة صلاتهم ولا صيامهم ولا صدقاتهم ولكن بإخلاصهم مع ذلك وصدقهم مع ربهم سبحانه وتعالى وكمال إيمانهم، وفيه أن أعمال القلوب تفوق أعمال الجوارح. وأن الإيمان إذا وقر في القلب قدم صاحبه على غيره ممن لم يبلغ هذه المنزلة، وأنه قد يقرأ القران ويكثر من قراءته من لا يستفيد وينتفع من قراءته فيكون حجة عليه شاهداً على سوء عمله وقاذفاً له في النار والعياذ بالله، وكثير من العلماء حملوا هذا الحديث على الخوارج فإن الصحابة كانوا يحقرون صلاتهم إلى صلاة الخوارج وصيامهم إلى صيامهم وعملهم إلى عملهم، وكانوا يقرأون القرآن آناء الليل وأطراف النهار لكنهم جهلوا حقائق الدين ولم يفهموا مقاصد القرآن وخرجوا على أئمة العدل ونابذوا الأمة السيف واستحلوا دماء أهل الملة فخرجوا من الدين وكانوا كلاب النار، وقال فيهم صلى الله عليه وسلم: (لأن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد).
7- عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقرؤوا القرآن واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به) رواه أحمد .
في الحديث: وجوب قراءة القرآن والعمل بما فيه من أوامر، واجتناب ما فيه من نواه، والتوسط في أخذه، فلا يجفو عنه ويطرح وينبذ ولا يغلى في أخذه ويتنطع في العمل به، ويشدد على النفس وعلى الناس بل يكون كما كان رسول الهدى صلى الله عليه وسلم على الجادة وعلى الطريق المستقيم، وفيه تحريم الأكل بالقرآن وهو طلب أموال الناس وأعطياتهم وهداياهم وطلب الجاه عندهم والمناصب والوظائف بسبب قراءته للقرآن، فإنه من أخطر الأمور وأذم الصفات ومن أسوء الخصال ومن أقبح الخلال، وفيه أنه لا يجوز الاستكثار بالقرآن من الجاه والمال والدنيا فإن القرآن طريق للنجاة عند الله عز وجل وطريق للجنة ووسيلة للقرب منه سبحانه وتعالى فلا يصرف هذا إلى طلب المنزلة عند المخلوقين والعظمة عند الناس، فمن فعل ذلك فقد هلك وأهلك وهو من علماء السوء الذين اتخذوا الدين حججاً يأكلون بها الدنيا ومصائد يصطادون بها أموال الناس وأن يصرفوا بها وجوه الناس إليهم، فنعوذ بالله من ذلك.
قال سبحانه: ((وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)).

باارك الله فيكي حياتي
وجعله في ميزان اعمالك ~